مقالات
أخر الأخبار

حسن رمضان حسن عيسى يكتب: أشهر داية في تاريخ فيديمين

إحدى فارساتٍ ثلاثةٍ حَجَزْنَ فَصلاً كاملاً وهاماً في كتاب (تاريخ فيديمين)، أينما تَوَاجَدنَ تتواجد الفرحةُ والبهجةُ في كل مكانٍ يذهبنَ إليه، الحاجة/ أم رمضان (فريزة)، والحاجة/ أم عادل (كوثر)، والحاجة أم علي (شمعة) .. رحمة الله عليهنَّ جميعاً.

🔹كنّ دَاياتٍ ثلاثةٍ في “قرية فيديمين” و”العزب والبلاد المحيطة بها”، يهرع إليهنّ القاصي والداني، شرقاً وغرباً لتوليد النساء في أي وقتٍ وفي أي مكانٍ وتحت أية ظروفٍ.

🔹كنت صغيراً وكنت أرى “جدتي” تجلس دائماً مع حبيبتيها المرحومة الحاجة/ أم عادل (كوثر)، والمرحومة الحاجة/ أم علي (شمعة) .. كن يجلسن جلساتٍ مغلقةٍ لمناقشة موضوعات تخص أمور “الولادة” في فيديمين وما حولها، وكنت أرى ملابس الأطفال تحيط بهنّ من كل جانب، تلك الملابس التي كنّ يجهزنها للنساء اللائي سيقُمن بتوليدهنّ.

🔹وكنت أرى “جدتي” تصنع بنفسها هذه الملابس للأطفال الذين سوف يولدون على يديها، ورأيت _كثيراً_ كيف كانت تذهب إلى أبعد الأماكن في أقسى ليالي الشتاء، والبرد قارصٌ وشديدٌ والكهرباء مُنقطعةٌ، والطريق لا يخلو من وحلٍ وطين، وبالرغم من كل ذلك لم أرى وجهها عابثاً في حياتي عندما كانت تواجه هذه الأهوال وهي في طريقها إلى منزل السيدة التي ستقوم على ولادتها.

🔹وكنت أسمع في أوقاتٍ كثيرة طرقات الباب ونداءٌ واحدٌ فقط يتخلل هذه الطرقات المتلاحقة: ” ….. يا ام رمضان ….. يا حاجة فريزة ….. عندنا ولاده شدي حيلك ….. المولود ع الأرض يلا بسرعة …..”. وكنت أسمع جدتي وهي تجيب تلك النداءات من خلف الباب: ” ….. أيوا حاضر ياللي ع الباب ….. يا فكاك العسير يارب ….. حاضر أنا جايه أهو”.

🔹دائماً كنا ننتظر مَجيئها من (سُبُوع) أحد الأطفال، حيث كانت تحمل في يديها خيراً كثيراً ووفيراً: (الحمص والفول السوداني والحلويات والهدايا و ….. و….. إلخ) وفوق كل هذا “الهدية النقدية” لكل من في البيت، لقد كانت تعمل من أجل غيرها، لم أرها مرةً في حياتي تدخر لنفسها شيئاً، لقد عاشت حياتها من أجل الآخرين، وعندما ماتت ماتت معها معانٍ غالية لم تُعوَّض حتى يومنا هذا، ولن يعوض رحيلها إنسانٌ آخر حتى نهاية العمر، لقد حفرت دموعنا على رحيلها علاماتٍ على خدودنا تبدو آثارها واضحةً في مشاعرنا جميعاً حتى لحظة كتابة هذه السطور.

🔹لقد كانت تحظى بحب جميع من في القرية والعزب المحيطة بها.

🔹وليقم كل من يقرأ هذه السطور بتجربة: نعم .. ليقم كل من يقرأ هذه السطور بتجربة .. وهي أن يترك كلٌ من حضراتكم جهاز الكمبيوتر الذي يجلس أمامه أو التليفون الذي يمسكه بيديه أو التابلت …..إلخ وينادي إلى أي شخصٍ كبيرٍ عنده في المنزل (رجلاً كان أو امرأة)، ويريه فقط هذه الصورة، صورة الحاجة أم رمضان (فريزة) الداية، ولينظر بعدها إلى وجهه، وسوف يلاحظ أن وجهه قد تهلل فرحاً وبهجةً، وسوف يذكر موقفاً ما معها رحمها الله.

🔹رحم الله الحاجة أم رمضان (فريزة)، ورحم الله هذا “الزمن الجميل” الطيب الهادئ .. الذي لن يعوض أبداً.

🔹وأخيراً .. فالناس صنفان: موتى في حياتهم، وآخرون في بطون الأرض أحياءُ.

حسن رمضان حسن عيسى

فيديمين اليوم FidimeenToday

روابط صفحات فيديمين اليوم:

https://www.facebook.com/fidimeenalyoum/

https://www.facebook.com/fidimeenToday

أرقام الهاتف:

01099763637

01281375755

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *